أحدث المشاركات

السبت، 3 فبراير 2018

شباب يتسابقون على قوارب الموت ! إلى أين ؟


                                 حرس السواحل يواصلون إحباط محاولات الحرقة



الحراقة بين بدء حياة جديدة.. والموت غرقا أو التوقيف قبل بدء الرحلة
يواصل عدد غير قليل من الشباب الجزائريين التسابق على امتطاء قوارب الموت بحثا عن حياة أفضل وفق منظرهم في الضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط الذي تحول إلى مقبرة جماعية تحوي جثث مئات الحراقة الذي ينتهي مخططهم قبل أن يبدأ ويتحول حلمهم الكبير إلى كابوس فظيع.. فيما يتولى حرس السواحل مهمة إجهاض مخططات و أحلام كثير من الشباب الذين يتم توقيفهم وهم على أهبة الحرقة ..
وإذا كان بعض الشباب ينجحون في بلوغ الضفة الشمالية للمتوسط ويبدأون حياتهم هناك ومنهم من يُكتشف أمره ويُرحّل إلى الجزائر مجددا فإن آخرين يكون لهم مصير مغاير فمنهم من يتحول إلى طعام للحيتان بعد غرقهم خلال رحلات الحرقة فيما تُجهض محاولات حرقة كثيرين..

عشرات الحراقة المفترضين في قبضة حرس السواحل
وبهذا الصدد تمكنت عناصر المجموعة الإقليمية لحرس السواحل لبني صاف (ولاية عين تموشنت) يوم الجمعة من إحباط محاولة للهجرة السرية ل33 شابا من بينهم إمرأة وقاصرين إثنين في عمليتين منفصلتين حسبما علم لدى ذات الهيئة الأمنية.
وتمت العملية الأولى بعرض البحر على بعد 20 ميل شمال شاطئ بني صاف حيث أفشلت عناصر حرس السواحل مخطط للهجرة السرية ل16 شابا كانوا على متن زورق مطاطي في رحلة سرية متوجهة لسواحل ألميريا الإسبانية حيث تم تطويقهم بعرض البحر وإحباط هذه المحاولة حسب ما ذكرته المجموعة الإقليمية لحرس السواحل ببني صاف.
وفي سياق متصل أحبطت نفس الوحدات التابعة لحرس السواحل محاولة ثانية للهجرة السرية ل17شابا كانوا على متن قارب مطاطي تم تطويقهم بعرض البحر على بعد 10 أميال بحرية شمال رأس فيغالوا غير بعيدة عن سواحل بلدية بوزجار حسب ما أوضحه نفس المصدر.
وسمحت العمليتان بحجز زورقين مطاطيين إضافة إلى محركين بقدرة 40 حصان لكل منهما كعتاد مستعمل في هاتين الرحلتين السريتين حسبما أشير إليه.
وينحدر مجموع الموقوفين ال33 من ولايات الشلف ووهران وتيزي وزو وبرج بوعريريج وبجاية حيث تم تسليمهم للجهات الأمنية المختصة لإتخاذ التدابير القانونية المعمول بها في هذا الشأن مثلما تمت الإشارة إليه.
انتشال 23 جثة لضحايا غرق قارب حراقة في البحر المتوسط
انتشلت عناصر تابعة لقوة الاتحاد الأوروبي البحرية في المتوسط أمس الجمعة 23 جثة لمهاجرين أثناء عملية إغاثة قبالة السواحل الليبية.
وذكرت وكالة الأنباء الإيطالية (أنسا) أمس السبت أنه تم كذلك إنقاذ 263 شخصا في المجموع مساء الجمعة من بينهم 146 مهاجرا كانوا في خطر أنقذتهم سفينة إسبانية مشاركة في قوة الاتحاد الأوروبي.
وأضافت الوكالة أن هذه القوة أشارت في حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي إلى أنها تمكنت أيضا خلال العملية نفسها من إنقاذ 64 شخصا كانوا على متن زورق مطاطي على وشك الغرق بعد أن تسربت المياه إليه.
ونقلت الوكالة عن المتحدث باسم هذه القوة قوله: إن ست عمليات إنقاذ نفذت في وسط البحر المتوسط بين ليبيا والحدود الجنوبية لأوروبا طيلة يوم الجمعة الذي اعتبرته من أكثر الأيام ارتفاعا في عدد عمليات الإنقاذ منذ الأشهر الماضية مشيرا إلى أنه عثر على سبع جثث فيما تم إنقاذ 900 شخص يوم الأربعاء الماضي.
وكانت وزارة الداخلية الإيطالية قد ذكرت أن أكثر من 111 ألف شخص وصلوا إلى سواحل البلاد بحرا في الأشهر العشرة الأولى من 2017 مسجلة بذلك تراجعا بنسبة 30 في المائة مقارنة مع العام الفائت.
قوارب الموت السًّوداء في الجزائر
الهجرة غير الشرعية والتي مسَّت مختلف شرائح المجتمع وطبقاته وارتكزت على فئة الشباب منهم بالخصوص فهذه الظاهرة التي سرت كالسُّم في الجسد المريض أصبحت من أهم الأسباب التي تؤدي إلى فقدان مئات وربما الآلاف من خيرة شباب الوطن وشاباته لحياتهم. فقوارب الموت التي يرى فيها الكثير من هؤلاء بصيص أمل للانتقال إلى الضفة الأخرى من المتوسط حيث الجنة الموعودة كما يصفها العديد منهم ورغم اختلاف الطبقات الاجتماعية وتباينها وكذلك المستوى التعليمي والثقافي لمُقدمين على ركوب الأمواج في قوارب مخصصة في معظمها لصيد الأسماك وليس لسفر إلى مسافات بعيدة ورغم الأخطار والمصاعب والمطبقات تبقى أوروبا ودول السَّاحل الجنوبي لها كفرنسا واسبانيا وإيطاليا محجَّهم المقدس وغايتهم التي يبذلون أرواحهم رخيصة في سبيل الوصول إلى ضفتها.
فالمهاجرون غير الشرعيين في قوارب الموت السَّوداء لا يلقون بالاً لتحريم الدِّيني الذي يجعل المخاطرة بالنفس والمغامرة بها غير المَحسوبة من الكبائر إذ يقول تعالى (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) بل يرون في هذا النوع من الزجر والتحريم شيئاً ثانوياً لأنَّ اليأس يكون قد بلغ منهم مبلغه ولا يرون سبيلاً للفكاك سوى الهجرة غير الشرعية لأنَّ الهجرة الشرعية تتطلب الكثير من الإجراءات القانونية والمعاملات الإدارية المعقدة وتحتاج إلى الكثير من الأموال التي لا يمتلكها أغلب من يقدم على هكذا عمل غير محسوب العواقب والتبعات.
لماذا؟
ويرجع الكثير من المحللين النفسيين وعلماء السَّيكولوجية والاقتصاد أسباب هذه الظاهرة الخطيرة لمجموعة من الأسباب ربما أهمها الفقر والبطالة والرغبة في تحسين المستوى المعيشي للشَّباب. بالإضافة إلى الرغبة في المغامرة والانطلاق في الحياة ولهروب كذلك من الحياة الاجتماعية القاسية والملل والروتين وبعضهم يلجأ إلى الهجرة الغير الشرعية لهروب من المتابعات القضائية ومُحاولة لتقليد أحد معارفه الذين وفًّقوا في بلوغ وجهته التي حددها سلفاً والرغبة في الحصول على الإقامة الدائمة في أحد بلدان أوروبا والزواج بأوروبية التي يراها بعض الشباب الحور العين المنتظرات هناك بالإضافة إلى أسباب أخرى عديدة لا يتسع المقام لذكرها جميعاً ويعرف القانون الجزائري حسب الأمر رقم 66/211 المؤرخ في 21 جويلية 1966 الهجرة الغير شرعية بأنها دخول شخص ما التراب الوطني بطريقة سريَّة أو بوثائق مزورة بنية الاستقرار والعمل أو بنية الانتقال إلى بلد ثالث مثلما هو واقع في دول المغرب العربي وأوروبا حالياً ورغم العقوبات القانونية الصارمة التي تطبَّق على المهاجرين بطريقة سرية كالأمر 175 مكرر1 والذي سلَّطَّ على هؤلاء عقوبات تتراوح ما بين شهرين إلى ستة أشهر حبس نافذة وغرامة مالية من مليوني إلى ستة ملايين سنتم على الشباب المُهاجر بطريقة غير شرعية أو الأوصياء عليهم إذا كانوا قصراً ولكن الإجراءات الردعية يبدو أنها غير نافعة في ردع الكثير من الشباب عن تجريب حظِّهم في السفر إلى المجهول فحسب إحصاءات وزارة التضامن الوطني في عهد السيِّد جمال ولد عباس إلى أنه في سنة 2007 حاول أزيد من 1500 شاب أن يجربوا حظهم في الهجرة بطريقة غير قانونية وفي نفس السَّنة تمكنوا من إنقاذ حوالي 1568 شاباً كانوا مرشحين لهجرة الغير شرعية من بينهم 1300 شاب واجهوا خطر الموت المحقَّق وتمَّ إنقاذهم من سواحل مدن عنابة ووهران بالأساس. فالارتفاع المطرد في نسب الظاهرة ينذر بأنها ستتحول لظاهرة اجتماعية تلقى بظلالها السّلبية على مسارات التنمية الوطنية باعتبار أنَّ الشباب هم مُحرك وديناميكاَ الاقتصاد الوطني وصمّام أمانه مستقبلاً.
وحسب الدكتور محمد رمضان وهو أستاذ الأنثروبولوجيا الجريمة بقسم الثقافة الشعبية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة تلمسان فإنَّ الحرمان وعدم توزيع العادل لثورات يلعبان دوراً هاماً ومحورياً في تكوين هذه الظاهرة وبناء معالمها لذلك على الدولة بمختلف هياكلها وشرائحهاَ ومؤسساتهاَ القانونية والدستورية أن تعمل على خلق فرص العمل والتوزيع العادل لثورة وإعادة هيكلة الشباب اليائس البائس الذي فشل في مسارات الدِّراسة أو العمل والعمل على التَّوعية والتَّحسيس بمخاطر الهجرة الشرعية وإشراك الديوان المركزي لمكافحة الهجرة السرية في هذه العملية وإقامة مؤتمرات وندوات جهوية وولائية ووطنية وخاصة في المدن السَّاحلية التي تعتبر بوابة زيوس التي تؤدي إلى الهلاك في مثل هذه الحالات وتقع مسؤولية كبرى على الأهل في مراقبة أبنائهم وتوعيتهم والعمل على تنبيههم لخطر هذه الظاهرة وانعكاساتهم السَّلبية فردياً وأسرياً ومجتمعياَ. لأن الأسرة هي مربط الفرس وركابه والمسؤولة عن مكافحة هذه الظاهرة بالإضافة إلى مؤسسات المُجتمع المدني المُختلفة طبعاً.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق